[b]
هناك التباس بين النشاط العادي لأي طفل وبين النشاط الزائد فالنشاط، الحركة واللعب مطالب طبيعية، بل وضرورية للأطفال. فكل طفل يحب أن يلعب ويلهو، بل إن اللعب والحركة عنصران أساسيان من عناصر النمو الجسماني والنفسي والذهني والاجتماعي للطفل، ولكنهما ينبغي أن يكونا في حدود المعايير الطبيعية، وإلا انقلبا إلى مرض هو ما يطلق عليه اسم "فرط النشاط"..
امومةوكثيرا ما يلوم الآباء أنفسهم لسلوك أبنائهم الذين يتميزون بفرط النشاط، ويعتقدون أن إهمالهم في تربية الطفل، هو الذي أدى إلى تكوين هذه العادات السلوكية المحرجة لديه، بينما، الواقع غير ذلك.
وفرط النشاط يبدو ملحوظا لدى الأطفال في سن دخول المدرسة، حيث تلاحظ المدرسة أن هذا الطفل أو ذاك أكثر حركة من باقي التلاميذ، وأقل تركيزاً منهم.. وفي معظم الحالات يتأخر تشخيص هذه الحالة إلى حين دخول المدرسة لأن الآباء يعتبرون سلوك أولادهم مفرطي النشاط طبيعياً.. وربما كان السبب في ذلك هو أننا في مجتمعاتنا الشرقية نرفض الاعتراف أن ابننا غير طبيعي، أو أنه مصاب بمرض نفسي وبحاجة إلى علاج.
ومعدل انتشار ظاهرة فرط النشاط لدى الأطفال يختلف من دراسة إلى أخرى، ولكنه يتراوح في معظم الحالات بين 5% إلى 10% وهو ينتشر بين الصبيان أكثر من انتشاره بين البنات.
وليست هنالك أسباب واضحة لفرط النشاط، رغم أن العلماء يميلون إلى التحدث عن علاقة بين أمزجه وسلوكيات الآباء، ومزاج الطفل مفرط النشاط، وكشفت إحدى الدراسات أن الآباء ذوي المزاج العصبي غالباً ما يكون لديهم أطفال يتميزون بفرط النشاط، وبالتالي يعتبر هؤلاء الأباء نشاط أطفالهم المفرط باعتباره شيئاً طبيعياً.
وهناك دراسة أعدها جيودمان وستيفنسون عام 1989 تشير إلى أن العامل الوراثي يلعب دورا مهما في هذه الظاهرة. فقد تبين أن الأطفال التوائم وحيدي اللقاح (المتشابهة شكلاً وجنساً) أكثر تعرضاً للإصابة من الأطفال ثنائي اللقاح (غير المتشابهين).
ونوعية الغذاء يمكن أن تلعب دورا في التسبب بهذه الظاهرة وقد نشرت دراسة حول هذه النقطة تحدثت عن دور أنزيم الفينول سلفرانفيرس الذي يعمل على تكسير المواد الفينولية في الأمعاء وأثبتت الدراسة أنه هذا الأنزيم له علاقة بالنشاط المفرط.
ويبدأ ظهور النشاط المفرط في سن الثالثة تقريباً، ولكنه يتضح بشكل جلي في شن دخول المدرسة، حيث يكون الطفل كثير الحركة، والقلق، والتململ، ويكون اندفاعياً في تصرفاته قليل التركيز، شارد الذهن، وغير فادر على توطين صداقات ولا يستطيع الجلوس طويلاً في مكان واحد.
وعندما يبدأ ظهور المشكلة بوضوح في المدرسة حيث المتطلبات الإضافية للعملية التعليمية والتربوية مثل الجلوس في الصف بهدوء بنظام الالتزام بالمكان وعدم التشويش على الآخرين والتركيز على ما يدور في الصف من شرح وتوجيهات المدرسة.
وهنا يجب أن نشير إلى عدم الخلط بين الأطفال ذوي النشاط الزائد-ولكنه في حدوده الطبيعية-والأطفال ذوي النشاط الزائد المفرط.
وللتعامل مع هذه الحالة يجب على الطبيب المعالج والأبوين أن يجلسوا سويا للوقوف على متطلبات هذا الطفل اجتماعيا وتربويا وعلميا. لكي يدرك الأبوان كيفية التعامل مع الطفل. ويجب على الأبوين أن يعيدوا ترتيب أثاث المنزل يما يتناسب مع نشاط الطفل الزائد. وإبعاد الأشياء سهلة الكسر والآلات الحادة عن متناول يديه.
هناك الطرق العلاجية النفسية لتحويل وتبديل السلوكيات وتطوير المعرفة وكيفية تعامل المدرسة مع الطفل وأن أمكن وضعه في أحد فصول التربية الخاصة المزودة بكوادر فنية تعني كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال.
ونسبة كبيرة من الأطفال ذوي النشاط الزائد يقل لديهم هذا النشاط ويصبحون أكثر تركيزاً بتقدم السن تقريباً.
وما يتراوح بين ثلث ونصف الأطفال المصابين بفرط النشاط يصبحون طبيعيين لا فرق بينهم وبين الآخرين عندما يصلون إلى سن الشباب